سالم الطاهر.. رجل بكت له السماء

بورتسودان، وجدان خضر
يوم مقيم و ورزاز ممطر – 27 نوفمبر. سبحان الله، ذكرني هذا بيوم 11 نوفمبر 2024. في صباح ذلك اليوم الذي جهزت فيه جنازة الأستاذ سالم، غيمت السماء قبل خروج الجنازة من البيت. كنت حزينة وأبكي بحرقة، ومعي أسرة خالتي من النساء والجيران. نبكي وأقول في نفسي: أين أبناء سالم؟ وأين أخواته ليبكوه؟
تذكرت قصة سيدة حمزة بن عبد المطلب عندما قُتل، وأتوا به إلى بيته. أمر رسول الله السيدة عائشة أن تجمع نساء الصحابة ليبكين في بيت حمزة. بلحظات، تفاءلت خيرًا، واعتبرتها من علامات حسن الخاتمة.
توجهت العربة إلى مقابر السكة حديد، وهناك كانت أجمل علامات حسن الخاتمة؛ إذ أمطرت السماء بكاءً على الأستاذ المحامي سالم الطاهر، مع أول تكبيرة لصلاة الجنازة.
سبحان الله، ماذا بينك وبين الله؟
لكي تبكي لك السماء، ويُستجاب الدعاء عند نزول الأمطار والبركات. وكل من حضر التشييع والدفن فرح له بحسن الخاتمة. ماذا بينك وبين الله لكي تبكي لك السماء بدلًا من أختك فاطمة في أمريكا وأولادها؟ ماذا بينك وبين الله لكي تبكي لك السماء بدلًا من أختك آسيا وأولادها، وبنت أختك صفية، هالة، وأسرتها في مصر؟
كان بكاء السماء على الأستاذ سالم الطاهر مشهدًا عظيمًا، حفته الملائكة والدعوات.
الأستاذ سالم الطاهر كان محاميًا عادلًا، وفطنًا، ولبقًا، حتى لُقّب بين زملائه في البحر الأحمر بـ”الخبير”. كان قوي الشخصية، ذا أخلاق عالية، محبًا للأطفال، وشجاعًا لا يخشى في الحق لومة لائم. كان متواضعًا، ولا تغره الدنيا الفانية.
كان إذا تحدثت إليه، يتحدث عن نفسه وذكرياته وطفولته. كان مثقفًا فنيًا وسياسيًا وقانونيًا، ومستمعًا جيدًا. كان متابعًا لأخبار الساعة بدقة، ومن أقصى أمانيه: انتصارات الجيش في معركة الكرامة والصحة والعافية. لم يكن يميل إلى الحديث عن الآخرين، وكان مركزًا مع نفسه.
اللهم اغفر له وارحمه، واجعل الفردوس الأعلى مسكنه. اللهم أكرم نزله ووسع مدخله. اللهم اجعل من أمامه نورًا، ومن خلفه نورًا، وعن يمينه نورًا، وعن شماله نورًا، ومن فوقه نورًا، ومن تحته نورًا. اللهم انظر له نظرة رضا، فإن من تنظر له نظرة لا تعذبه أبدًا. اللهم اقْطَعه الصراط المستقيم في طرفة عين، وزفه إلى الفردوس الأعلى بالحور العين. اللهم آمين.
اذكروه بدعوة: سالم في الجنة بإذن الله.